القائمة الرئيسية

الصفحات

أقوال المفسرين في آية النمل


أقوال المفسرين في آية النمل

    جاء ذكر النمل في القرآن الكريم في آية واحدة ثلاث مرات، مرة بصيغة الإفراد ومرتين بصيغة الجمع، وذلك في سورة النمل، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: 18].
    وقد وردت أقوال كثيرة في مكان وادي النمل ، وفي وصف النملة، وهل هي أنثى أم ذكر، وهي أقوال لا تعتمد على أدلة شرعية.
    قال ابن كثير: "ومن قال من المفسرين أن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره وأن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب أو غير ذلك من الأقاويل فلا حاصل لها، والغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها وتبسم ضاحكاً من ذلك، وهذا أمر عظيم جداً" وهذه الآية تثبت أن للنمل لغة يتخاطبون بها، ولم يستبعد العلماء المسلمون هذا الأمر.
    قال أبو السعود: "وقوله تعالى: ﴿قالت نملة﴾ جواب إذا، كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرّت منهم، فصاحت صيحة تنبهت بها ما بحضرتها من النمل لمرادها فتبعتها في الفرار، فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم فأجروا مجراهم حيث جعلت هي قائلة وما عداها من النمل مقولاً لهم، حيث قيل ﴿ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم﴾، مع أنه لا يمتنع أن يخلق الله تعالى فيها النطق وفيما عداها العقل والفهم".
    وقال الخازن في تفسيره: "﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ ولم يقل ادخلن؛ لأنه جعل لهم عقولاً كالآدميين فخوطبوا خطاب الآدميين، وهذا ليس بمستعبد أن يخلق الله فيها عقلاً ونطقاً فإنه قادر على ذلك".
    وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى قالت نملة أي صاحت بصوت، فلما كان ذلك الصوت مفهوماً عبر عنه بالقول، ولما نطق النمل كما ينطق بنو آدم أجري مجرى الآدميين فقيل ادخلوا، وألهم الله تلك النملة معرفة سليمان معجزاً له .  
   وقد ألهم الله النمل كثيراً من مصالحها تزيد به على الحيوانات، فمن ذلك أنها تكسر كل حبة تدّخرها قطعتين لئلا تنبت إلا الكزبرة فإنها تكسرها أربع قطع؛ لأنها تنبت إذا كسرت قطعتين فسبحان من ألهمها هذا".
    وقال الآلوسي: "ومن تتبع أحوال النمل لا يستبعد أن تكون له نفس ناطقة؛ فإنه يدخر في الصيف ما يقتات به في الشتاء، ويشق ما يدخره من الحبوب نصفين مخافة أن يصيبه الندى فينبت إلا الكزبرة والعدس فإنه يقطع الواحدة منهما أربع قطع ولا يكتفي بشقها نصفين؛ لأنها تنبت كما تنبت إذا لم تشق، وهذا وأمثاله يحتاج إلى علم كلي استدلالي وهو يحتاج إلى نفس ناطقة ".
    وقال الزمخشري: وأما قولها: ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ فهو تكميل لما قبله، جيء به، لرفع توهم غيره، ويسمَّى ذلك عند علماء البلاغة والبيان: احتراساً، وذلك من نسبة الظلم إلى سليمان عليه السلام، وكأن هذه النملة عرفت أن الأنبياء معصومون، فلا يقع منهم خطأ إلا على سبيل السهو. وفي ذلك قال الفخر الرازي: "وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء عليهم السلام".
  وقال القرطبي : قوله : أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح مقتضى هذا أنه تسبيح بمقال ونطق ، كما أخبر الله عن النمل أن لها منطقا وفهمه سليمان عليه السلام - وهذا معجزة له - وتبسم من قولها . وهذا يدل دلالة واضحة أن للنمل نطقا وقولا ، لكن لا يسمعه كل أحد ، بل من شاء الله تعالى ممن خرق له العادة من نبي أو ولي . ولا ننكر هذا من حيث أنا لا نسمع ذلك ; فإنه لا يلزم من عدم الإدراك عدم المدرك في نفسه . ثم إن الإنسان يجد في نفسه قولا وكلاما ولا يسمع منه إلا إذا نطق بلسانه .
 وقد خرق الله العادة لنبينا محمد(ص) فأسمعه كلام النفس من قوم تحدثوا مع أنفسهم وأخبرهم بما في نفوسهم.                  .                       
    وعن القرطبي ايضا : لا اختلاف عند العلماء أن الحيوانات كلها لها أفهام وعقول.
 وقد قال الشافعي : الحمام أعقل الطير . قال ابن عطية : والنمل حيوان فطن قوي شمام جدا يدخر ويتخذ القرى ويشق الحب بقطعتين لئلا ينبت ، ويشق الكزبرة بأربع قطع ; لأنها تنبت إذا قسمت شقتين ، ويأكل في عامه نصف ما جمع ويستبقي سائره عدة .
 قال ابن العربي :وهذه خواص العلوم عندنا ، وقد أدركتها النمل بخلق الله ذلك لها .
 قال الأستاذ أبو المظفر شاهنور الإسفراييني:
ولا يبعد أن تدرك البهائم حدوث العالم وحدوث المخلوقات، ووحدانية الإله ، ولكننا لا نفهم عنها ولا تفهم عنا ، أمّا إنّا نطلبها وهي تفر منا فبحكم الجنسية.
وقال صاحب الميزان : ... ولا صوت للنملة يناله سمعنا ويؤيده أيضا ما يراه علماء الطبيعة اليوم أن الذي يناله سمع الانسان من الصوت عدد خاص من الارتعاش المادي وهو ما بين ستة عشر ألفا إلى اثنين وثلاثين ألفا في الثانية، وأن الخارج من ذلك في جانبي القلة والكثرة لا يقوى عليه سمع الانسان وربما ناله سائر الحيوان أو بعضها.  
ولا منافاة بين قوله (عليه السلام): " علمنا منطق الطير " وبين فهمه كلام النملة إذ لم ينف فهمه كلام سائر الحيوان أو كلام بعضها كالنملة.
وقد تسالم جمع منهم في دلالة قوله: " علمنا منطق الطير " على نفي ما عداه فتكلفوا في توجيه فهمه (عليه السلام) قول النملة بأنه :
تارة : كانت قضية في واقعة .
وأخرى : بتقدير أنها كانت نملة ذات جناحين وهي من الطير.
وثالثة : بأن كلامها كان من معجزات سليمان ع.
ورابعة : بأنه لم يسمع منها صوتا قط وإنما ألهم ما في نفس النملة إلهاما من الله تعالى .
وما تقدم من معنى منطق الحيوان يزاح به هذه الاوهام، على أن سياق الآيات وحده كاف في دفعها.

أمل هاشم


هل اعجبك الموضوع :
author-img
من العراق، انشأت مدونة إشراقات قرآنية لأقدم فيها موضوعات دينية وثقافية وتربوية، وهدفي ان أفيد المجتمع، واقصى امنياتي ان يتقبل الله مني هذا الجهد خالصا لوجهه تعالى

تعليقات