الـكِـبـْــــر
وأقسامه وما ورد في ذمّه
الكِبر والعُجب والتكبّر:
الكبر رذيلة وخلق سيئ من سجايا باطن الإنسان وهو : أن يرى نفسه
كبيراً عظيماً بالقياس إلى غيره ، وبعبارة أوضح
: هو عزة وتعظيم يوجب رؤية النفس فوق الغير واعتقاده المزية والرجحان عليه ، فهو
يستدعي متكبرا عليه . وبه ينفصل عن العجب ، إذ العجب مجرد استعظام النفس من دون
اعتبار رؤيتها فوق الغير ، فالعجب سبب الكبر والكبر من نتائجه .
والكبر هو خلق الباطن يقتضي أعمالا في الظاهر
هي ثمراته، وتسمى تلك الأعمال الظاهرة الصادرة منه تكبّرا ، ولذا من تعزز ورأى
نفسه فوق الغير من دون صدور فعل على جوارحه
يقال له (كبر)، وإذا ظهرت الأعمال يقال له (تكبّر) . وهذه الأعمال الظاهرة هي أفعال وأقوال توجب
تحقير الغير والإزراء به ، كالترفع عن مواكلته ومجالسته ، والاستنكاف عن مرافقته
ومصاحبته ، وإبائه عن الجلوس بجنبه ، وانتظاره أن يسلم عليه ، والاستنكاف من قبول
وعظه ، وتقدمه عليه في المحافل والطرقات وعدم الالتفات إليه في المحاورات... وغيرها .
أقســـام الكـــبر :
الكبر من
حيث المتكبر عليه ينقسم إلى أقسام ثلاثة مع اختلاف مراتبها في القبح :
الأول :
التكبر على
الله تعالى : إما بإنكار وجوده جل وعلا ، أو وحدانيته ، أو شيئاً من صفات جلاله
وجماله ، ومنه أيضاً عدم قبول إبليس أمر الله تعالى: ] فاهبط منها فما يكون لك أن
تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين [ ,
ومنه تكبّر نمرود وفرعون ، وهو أفحش أنواع الكبر ، ولذا تكررت في ذمه الآيات ]إن
الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين[ ]ومن
يستنكف عن عبادته ويستكبر فيحشرهم إليه جميعا[
الثاني :
التكبر على
أنبياء الله ورسله وأوصيائه بإنكار رسالتهم وردّ ما جاؤوا به من الكتاب والشريعة ,
وتعزز نفوسهم وترفعها عن انقيادهم ، كما
جاء على لسان الكفار المتكبرين : ]أهؤلاء
منّ الله عليهم من بيننا[ ]إن
أنتم إلا بشر مثلنا[
]ولئن
أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون[ ]لولا
أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا[
وهذا في الشناعة قريب من التكبر على
الله ، وإن كان دونه.
الثالث :
التكبر على
عباد الله بتعظيم نفسه وتحقيرهم , والامتناع عن الانقياد لمن هو فوقه منهم بحكم
العقل أو الشرع ، والامتناع عن العشرة بالمعروف مع من هو مثله , فيترفع عن
مجالستهم ومواكلتهم ، ويتقدم عليهم في موارد التقدم ويتوقع منهم الخضوع له... قال تعالى
] ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن
تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا[ ]وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي
الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ[
ما ورد في ذم الكــــبر :
الكبر آفة عظيمة ، وبه هلك خواص الأنام
فضلا عن غيرهم من العوام ، وهو الحجاب الأعظم للوصول إلى أخلاق المؤمنين ، إذ فيه
عز يمنع عنها , فما من خلق مذموم إلا وصاحب الكبر مضطر إليه ، ليحفظ به عزه ، وما
من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه خوفا من فوات عزه . قال تعالى]سأصرف
عن آياتي الذين يتكبرون[ ]ادخلوا
أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين[ ]فالذين
لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهو مستكبرون[ .
وقال رسول الله 9 ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)) ،
((قال الله تعالى: الكبرياء
ردائي والعظمة أزاري ، فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في جهنم)), وأن رجلاً قال لسلمان تحقيراً : من أنت ؟ قال : (أما
أولاي وأولاك فنطفة قذرة ، وأما أخراي وأخراك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة
ووضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم ومن خف ميزانه فهو اللئيم).
أمل هاشم
تعليقات
إرسال تعليق